وتسبب هطول الأمطار الغزيرة خلال الأيام الماضية في غرق وتهشيم مئات الخيام التي تؤوي النازحين، وتدمير مقتنياتهم المتواضعة التي حصلوا عليها من بعض المساعدات، وأفسدت الطعام وجرفت الفرشات، خصوصاً في مناطق دير البلح ومواصي خانيونس جنوبي القطاع، ومراكز النزوح في مدينة غزة. وفي ظل هذه الأوضاع السيئة ارتفع عدد النازحين الذين توفوا بسبب موجات الصقيع إلى سبعة، معظمهم أطفال وُلدوا حديثاً ولم تتوفر أي إمكانيات لمنحهم الدفء والغذاء المناسبين، وأيضاً الرعاية الصحية الملائمة في أشهرهم الأولى.
ويواجه النازحون حياة معقدة وخطراً كبيراً بسبب الظروف المناخية الصعبة ونقص الإمكانيات الأساسية، إلى جانب تزايد مخاطر الإصابة بأمراض وانتشار العدوى، خصوصاً بين الأطفال وكبار السن، في ظل نقص الطعام والمصادر الأساسية التي تسمح لهم بتقوية مناعتهم في مواجهة موجات البرد القارس.
لا يستطيع النازحون تدفئة أنفسهم أو توفير وجبات كافية لعائلاتهم
وتتزامن قساوة الأوضاع المعيشية خلال المنخفضات الجوية مع نقص في المواد الغذائية والخضار والفواكه والوقود الذي يوفر الدفء بسبب الإغلاق مواصلة "إسرائيل" إغلاق المعابر، ومنعها إدخال مواد غذائية وبضائع ومساعدات إنسانية وغيرها من المتطلبات الأساسية، ما يزيد كوارث الحياة اليومية.
ولا يستطيع النازحون تدفئة أنفسهم أو إعداد وجبات كافية لعائلاتهم في ظل اشتداد المنخفضات الجوية، ما يساهم في نشر الأمراض بسهولة، ويجعل البرد وسيلة مباشرة للقتل في ظل عدم قدرة الأطفال على تحمل موجاته الشديدة، خصوصاً أولئك الذين يعانون من ضعف في المناعة بتأثير سوء التغذية ونقص الطعام الصحي المناسب.
وقالت "سهام أبو ناجي"، في تصريح لـ"العربي الجديد": "تبدلت الأمطار من نعمة إلى نقمة في ظل حياة النزوح التي نعيشها ويمكن وصفها بأنها جحيم حقيقي، في ظل عدم قدرة الخيام على حماية أفراد الأسر من البرد الشديد. أيضاً يحرمنا فقدان الأغطية من النوم وسط تسرّب المياه من كل مكان".
وتابعت: "تتزامن الأمطار أيضاً مع نقص المواد الغذائية والغلاء الشديد في الأسعار وفساد الطعام المتوفر. وأنا أخشى أن يمرض أطفالي الذي يبكون من البرد ولا أملك أي وسيلة لمساعدتهم في وقت يقتلنا الخوف كل يوم، خصوصاً عندما نفكر أننا قد لا نجد ما نأكله أو مكاناً دافئاً يؤوينا".
وعن كيفية مواجهته الظروف القاسية التي يمر بها برفقة عائلته في ظل غرق الخيام وموجات البرد، يقول "أحمد أبو دية"، الذي يسكن في خيمة مع عائلته قرب بحر مدينة دير البلح لـ"العربي الجديد": "أصارع طوال الوقت للبقاء حياً في ظل ظروف صعبة ومعقدة تنعدم فيها أدنى متطلبات العيش الآدمي. الخيمة التي نسكن فيها أصبحت غير صالحة، والأمطار أغرقت كل شيء. نحاول استخدام أي قطعة من بلاستيك أو قماش لمنع المياه من الدخول لكن بلا جدوى. وفي ساعات الليل نحاول إشعال النار بقطع خشب مبللة، لكن حتى ذلك لا ينجح. أصيبت أختي بنزلة برد، ولا نجد أدوية مناسبة لها. نشعر كأننا نعيش في كابوس".
ويبدي المسن "خالد أبو سالم" قلقه على الأطفال، ويقول لـ"العربي الجديد": "يستطيع الكبار تحمل الألم والبرد رغم أنهما يحلان علينا بدرجات قاسية جداً، لكن هذا الأمر يستحيل على صغار السن الذين لا ذنب لهم في كل ما يجري. أرى وجوههم ترتجف من البرد، وقلبي ينفطر، فالأمطار لا تتوقف، والخيام أصبحت مثل القبور، وأشعر بالخوف عندما أفكر في أن أي موجة برد إضافية قد تقتل الأطفال أو تجعلهم يصابون بأمراض خطيرة".
انتهى**3276
اكتب تعليقك