ويفاقم العدوان الأوضاع السيئة في مختلف النواحي المعيشية في غزة، بفعل النقص الحاد في كافة أنواع البضائع الأساسية والحيوية، وإعاقة دخول الإعانات والمساعدات الإنسانية والإغاثية والمواد الغذائية والوقود والأدوية والمستهلكات الطبية.
ويتكدّس مئات الفلسطينيين أمام بعض منافذ بيع الخبز التي لا تزال تصنعه باستخدام أدوات بسيطة، وذلك بعد تنظيفه من السوس، إذ إنهم لا يملكون خيارات أخرى. وهم يضطرون دائماً إلى الاصطفاف ساعات طويلة، رغم أن الخبز يباع بأسعار مضاعفة عن الأسعار الطبيعية، أو حتى الأسعار التي سبقت الإغلاق الإسرائيلي الأخير للمعابر بحجة الأعياد اليهودية.
وقال الفلسطيني كرم كمال لـ"العربي الجديد": "خلق العدوان الإسرائيلي العديد من الأزمات والتحديات التي زادت قساوة مع مرور الأيام. وبالنسبة لي بدأت بتدمير البيت والنزوح إلى مدارس ثم إلى خيمة بلاستيكية، وصولاً إلى اختفاء الأصناف والمنتجات الأساسية، وبيع الكميات المحدودة منها بأسعار خيالية رغم أن جودتها ضعيفة".
واضاف: "تتمثل أبرز الأزمات في نقص الطحين والخبز اللذين يعتبران أهم السلع لسد رمق الأطفال، خصوصاً في ظل نفاد غاز الطهي والبقوليات والأرز والخضار التي يمكن أن تستخدم لطهي أصناف بديلة ومؤقتة".
واشار إلى أن "النازحين الفلسطينيين تعرضوا لمختلف أشكال الحرمان طوال أشهر العدوان المستمر على صعيد دفء البيوت وامتلاك أثاث وأدوات أساسية اشتروا بعضها بأسعار خرافية. ووصل الحرمان إلى قوت الأطفال سواء في المناطق الشمالية التي يطلب الاحتلال إخلاءها على مدار الوقت، أو في المناطق الجنوبية التي يزعم الاحتلال أنها إنسانية وآمنة في حين تعاني بدورها من نقص حاد في كل المواد الغذائية. وهكذا يتضاعف هاجس تكرار سيناريو المجاعة".
ويعدد الفلسطيني خالد حسونة مراحل المعاناة في توفير الخبز، ويقول لـ"العربي الجديد": "بدأت المعاناة منذ الأيام الأولى للعدوان جراء الاستهداف المباشر للمخابز بهدف إجبار المواطنين على النزوح، وزادت لاحقاً مع تخفيض كميات الطحين وغاز الطهي في القطاع لمنع الأسر النازحة من صناعة الخبز لأفرادها وأطفالها، ثم مُنع إدخال الطحين بالكامل فتعاظمت الأزمة مجدداً".
وتابع: "كان الحصول على ربطة خبز واحدة قبل إغلاق المخابز يتطلب الوقوف ساعات طويلة في طوابير، أو صناعة الخبز ذاتياً باستخدام أفران من طين، لكن نقص الحطب وتضاعف أسعاره خلق إشكاليات جديدة دفعت العديد من الناس إلى شراء الخبز من منافذ البيع الثانوية بأسعار مضاعفة رغم معاناة الجميع من الأوضاع الصعبة".
ولفت إلى أن "الفترة التي سبقت الإغلاق الإسرائيلي للمعابر في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الحالي كانت جيدة على صعيد توافر الخبز بأسعار معقولة، لكن النازحين كانوا يعانون من الغلاء الشديد في أسعار المواد الغذائية. وحالياً ضاعف اختفاء الخبز وغلاء أسعاره الأزمة التي طاولت كل أنواع المنتجات".
وتشير تقارير إلى أن أسعار السلع الأساسية ارتفعت نحو خمسة أضعاف عن سعرها الطبيعي، ما جعل الكثير من العائلات غير قادرة على توفير الطعام اليومي، فيما لجأت عائلات أخرى إلى تقليص الوجبات للتعامل مع نقص السلع وعدم القدرة على الشراء.
وتتحدث سارة محمد علي لـ"العربي الجديد"، عن أن "الأزمات التي واجهت المدنيين في غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية قاسية بمختلف أشكالها، وحرمتهم من كل شيء في معيشتهم اليومية. كما أن أزمة المواد الغذائية والخضار والفواكه وأخيراً الطحين والخبز هي الأشد قساوة".
وتشير إلى أن "وجود الخبز يشعر أفراد العائلة بنوع من الأمان، إذ يمكن تناوله مع أشياء بسيطة جداً، مثل الدقة والزعتر والفلفل" وتشدد على ضرورة توفير كميات كبيرة من الطحين وغاز الطهي تتناسب مع الأعداد الهائلة للنازحين داخل مراكز الإيواء والمخيمات، خصوصاً بعدما فقدوا مصادر دخلهم وتضاءلت قدراتهم الشرائية كثيراً.
ويعاني أهالي قطاع غزة من أزمات عدة منذ بداية الحرب، فيما تزداد قساوة التحديات التي يواجهونها جراء طول أمد العدوان والإغلاق التام للمعابر ومنع دخول المواد الأساسية، ما يبقي شبح المجاعة حاضراً أمام الفلسطينيين طوال الوقت.
المصدر: العربي الجديد
انتهی**1426
اكتب تعليقك